أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - فيروس الإله [1]















المزيد.....



فيروس الإله [1]


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 21:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتاب فيروس الإله: داريل راي، ترجمة إبراهيم جركس
الفصل الأول
الدين بصفته فيروساً

((نحن نزدري كافة أشكال التوقير ومواضيع التبجيل التي تقع خارج حدود أشيائنا المقدّسة، ومع ذلك _بتناقض مثير للانتباه_ نُصَاب بالصدمة عندما يزدري الآخرون الأشياء والأمور التي نقدّسها نحن ويبخسون من قيمتها))
[مارك توين]

في هذا الفصل، سنتفحّص عن قرب التشابهات المثيرة للاهتمام بين أساليب الترويج والانتشار التي تتميّز بها بعض الأنظمة البيولوجية والاستراتيجيات الدينية.

اختبار
تخيّل السيناريو التالي: أنت تخوض محادثة جادّة مع صديقتك المسيحية المؤمنة بعمق. صديقتك ذكية، متعلّمة، مثقّفة، وعلى اطّلاعٍ واسع. وأنت موافق على تسجيل كل ما يدور من الحديث ضمن الجلسة. الموضوع يدور حول الإسلام. خلال الجلسة، سيكون نقاشكما يدور حول محمد، وكيف أنه نصّب نفسه رسولاً من عند الله، وكيف كان يدّعي بأنه كان يتحدّث مع الله ومع الملائكة. وكيف أنه ألّف كتاباً ادّعى بأنه معجز ومعصوم، وبأنه صعد إلى السماء على ظهر دابة.
خلال الحديث، ستكون موافقاً بأنّ محمداً كان متوهّماً بأنّ الله كان هو الذي يحدّثه، أو أنه يستطيع الحديث معه. وتوافق بأنّ القرآن مكتوب بيد محمد ولا يمكن أن يكون كلام الله. وستقول أنه من السخف الاعتقاد بأنه النبي الأخير وأن باقي الأنبياء هم على خطأ. كما أنه من المستبعد أن تكون مؤمناً لا أنت ولا صديقتك بأنه صعد إلى السماء، وعلى ظهر دابة. كل ذلك يبدو ضرباً من الجنون، وستتفقان كلاكما أنّه من الصّعب أن يؤمن أحد عاقل بهذا الدين. وفي نهاية الحديث، ستقول بأنّ المسلمين لم يختاروا دينهم، إنما ولدوا كذلك. وستقولان في نهاية جلستكما أنّ أي شخص ينظر إلى كل من الديانتين المسيحية والإسلام سيرى أن المسيحية هي الدين الحق.
خلال الأيام القليلة التالية، ستدوّن الحديث الذي دار بينكما على الورق. وعندها ستقوم بتغيير كافة الإشارات التي تناولتم فيها محمد وتحوّلها إلى الحديث عن يسوع. الآن سيتحوّل الحديث على الورقة على النحو التالي:
خلال الحديث، ستتفقان كلاكما على أنّ يسوع على الأرجح كان متوهّماً ليفكّر بأنه بإمكانه التحدّث إلى الرب يهوه. من الواضح أنّ الكتاب المقدّس _وبالأخص العهد الجديد_ ألّفه مجموعة من الرجال وليس يهوه. وستتفقان كلاكما أنّه من السخف من قبل يسوع الادعاء أنّه الرسول أو النبي الأخير، وأن غيره من الرسل والأنبياء كانوا على خطأ. ومن المستبعد أن يؤمن أي أحد منكما بأنه كان يحيي الموتى، أو أنه صعد إلى السماء. كل ذلك يبدو ضرباً من الجنون، ومن الصعب التصديق أن يؤمن أحد بهذه الديانة. وفي نهاية الحديث، تتفقان كلاكما أنّ المسيحيين لم يختاروا هذه الديانة، بل ولدوا مسيحيين. وكل من ينظر إلى كلا الديانتين الإسلام والمسيحية سيرى أنّ ألإسلام هو الدين الحق.
والآن، ستقول لصديقتك: "لقد نسخت حديثنا ودوّنته على الورق ثمّ عدّلت فيه جعلت الحديث يدور عن الإسلام، وأردّت أن أقرأه عليك". لاحظ ردّة فعلها وأنت تقرأه على مسمعها. كيف ستكون ردّة فعلها على كل تصريح؟ وكم من الوقت ستحتاج لتتحوّل إلى دفاعية؟ وكيف أنها ستبدأ بابتكار وجلب حجج مفصّلة ومدروسة وليس لها أي أساس واقعي أكثر من التي وردت خلال الحديث الأول؟ قد تلحق هذه المحادثة أضراراً بليغة بصداقتكما؟
يمكنك القيام بنفس التجربة على أشخاص ينتمون لديانات أخرى. على سبيل المثال، تبديل جوزيف سميث للمورمون أو موسى لليهودية. هذه التجربة تعطي مثالاً واضحاً عن كيفية عمل فيروس "الإله". فهو ينقل العدوى للدماغ البشري ويعطّل ملكات التفكير النقدي والعقلاني عند البشر. والأغرب من ذلك أنه يبقي ملكة نقد الديانات الأخر سليمة، لكنه يعطّل التفكير النقدي العقلاني لديانة المصاب. تذكّر هذه التجربة دائماً أثناء استكشافنا للسلوك الفيروسي الديني عند الأفراد والمجتمعات.
متلازمة الاهتداء الديني
هل سبق لك وأن لاحظت شخصاً يمرّ بتجربة هداية أو اهتداء ديني؟ يبدو لك هذا الشخص منطقياً بالكامل وليس لديه أي اهتمام بالدين أو المواضيع الدينية. ثم بعد ذلك، يموت أحد الوالدين، أو صديق، أو طفل من أطفاله، أو أنه يصاب بمرض معيّن أو حادث سيارة. وخلال أسابيع قليلة، تراه يبحث عن الحلول ويجد الإجابات عن كافة الأسئلة المتعلّقة بالحياة ويبدأ بدراسة وتفحّص كافة المذاهب والعقائد. من خلال فجوة الضعف هذه، قد يتمكّن الدين من فرض السيطرة على دماغ الشخص. ففي العديد من الحالات المشابهة، قد ينخرط الشخص ضمن شكل أو آخر من أشكال الجماعات المتطرّفة والمتشدّدة.
صديق لي فقد والده مؤخراً جرّاء إصابته بمرض السرطان. أمّا قبل هذه المأساة العائلية، بإمكاني وصف صديقي بأنه كان شخصاً غير متديّن. وبعد وفاة والده، واجه حالة دينية شديدة ومتأزّمة غيّرت شخصيته بطريقة دراماتيكية. فخلال إحدى الأمسيات الجيدة بعد أن تناولنا عشاءً لذيذاً في مطعم، تحوّل الحديث إلى بلوى يسوع وعذابه الذي ابتلاه. لم تكن هناك أي طريقة للتحدّث معه دون أن يذكر الدين أو أحد المواضيع الدينية بطريقة أو بأخرى. لقد أصبح شخصاً مضجراً ومملاً. ثم انقطعت صداقتنا ولم نعد نلتقي أبداً.
الرؤى وحالات الهداية الدينية تمّ الحديث عنها منذ قرون عديدة. وهي تتشابه في مختلف الديانات بغضّ النظر عن الثقافة والديانة أو أسسهما وقوانينهما. كان الفيلسوف وليم جيمس قد لاحظ التماثلات والتشابهات منذ قرن مضى في كتابه القيّم "اختلافات التجربة الدينية" (1902). ما الذي يجعل تجربة اهتداء إلى الإسلام تشبه وتتماثل مع تجربة الاهتداء إلى المسيحية؟ كيف سيحمل طقس الغطاس الهندوسي تشابهات قريبة من الرؤى الدينية لسكان أمريكا الأصليين؟
يبيّن علم الأعصاب أنّ مثل هذه التجارب يمكن خلقها عن طريق أساليب التحفيز والإثارة الدماغية. لذلك، مجرّد إثارة عصبية بسيطة في للدماغ يمكن أن تخلق أو تحاكي التجربة الصوفية. فسكان أمريكا الأصليين يستخدمون البيوت Peyote وهي عشبة مقدّسة من فصيلة الصّبّار. وهناك الدكتورة تيموثي ليري وهي تستخدم محلول LSD أو محلول إيثيلاميد حمض الليسرجيك Lysergic acid Diethylamide وهو عقار مخدّر قد يصيب متعاطيه بالهلوسة، وقد أظهرت هذه العمليات عوارض تجارب قد تسمى روحية أو صوفية. نحن نعلم أنّ التحارب التي تظهر كتجارب روحية من المرجّح أنها استجابات عصبية لأي نوع من الحوادث التي تحدث بشكل طبيعي في الوسط المحيط أو داخل الدماغ. تجارب الاقتراب من الموت التي تمّ خوضها على مرّ القرون وفي كافة الحضارات بمختلف أنواعها وأشكالها لها تماثلات وتشابها مثيرة للانتباه لتلك التي تظهرها عمليات التحريض أو الإثارة العصبية في الدماغ.
د. أولاف بلانكس، عالم أعصاب بجامعة Ecole Polytechnique في لوسان، بسويسرا، يستعرض استنتاجاته التي توصّل إليها خلال أبحاثه على عمليات التحريض الدماغية, ((قد يكون من المثير جداً التضرّع واستجداء الخارق للطبيعة عندما تنحرف بوصلة هذا الجسد وأحاسيسه، والتفسير الحقيقي طبيعي جداً، إنه محاولة الدماغ في فهم واستيعاب المعلومات المتضاربة وجعلها منطقية)) [1]
أمّا تلك التجارب التي كان يطلق عليها صفة "روحية" أو "صوفية" على مرّ القرون أصبح بالإمكان توليدها وخوضها من جديد في مختبر د. بلانكس عن طريق وضع مجسّ كهربائي في الدماغ.

من أنت وما الذي فعلته بصديقي؟
بعض الأشخاص الذين يخوضون تجربة الاهتداء الديني يبدو أنهم يمرّون بتغيّرات جذرية في الشخصية. قد يبدون متجانسين وهادئين وسلسين عند تناول أحاديث ومواضيع دنيوية، ولكن عندما يبدؤون في الحديث عن معتقداتهم وإيمانهم، فسيتغيّر مسلكهم وتصرفهم وطريقة تحدّثهم. ستتغيّر نبرتهم في الحديث، كما أنّ ابتسامتهم ستتحوّل لابتسامة باهتة ومتوترة، وسيغيّرون إلى الوضعية الدفاعية عندما تبدأ التشكيك بمعتقداتهم وإدخال حالة الخلخلة إلى براهينهم. ويصبح من الصعب جداً الخوض في حديث ودّي معهم. ويبدو الموقف وكأنه مشهد من فيلم الرعب "غزو سارقي الأجساد" (1978)، عندما تسيطر قطعان المخلوقات الفضائية على الأدمغة والأجسام البشرية وتحوّلها إلى ما يشبه الآلات عديمة الحسّ.
ما أن يتحوّل أي شخص إلى إنسان متديّن، يصبح من الصعب جداً إجراء حوار عقلاني أو منطقي معه حول النواحي غير المنطقية واللاعقلانية لديانته. ويبدو الأمر وكأنّ شيئاً ما قد سيطر أو غزا جسم الشخص وسيطر على عقله وجزءاً كبيراً من شخصيته. إذ يصبح من الصعب عليك التكلم إليه بشكل مباشر. وبدلاً من ذلك، يبدو وكأن التواصل معه أصبح عن طريق كائن ديني غريب يسكن داخله. وتصدر من فمه عبارات مؤلّفة ومدبّرة بشكل جيد. مثال على ذلك: ((هذا لغز و ينبغي علينا معرفته)) أو ((يتوقع الرب منا أن نتقيّد بوصاياه من دون مساءلة أو تشكّك)) أو ((لقد تكلّم يسوع معي وأعرف ذلك من أعماق قلبي)). يتضح على الفور من خلال هذه التصريحات بأنّ القدرة على التحليل العقلاني والمنطقي مشلولة تماماً.

العدوى الدينية
لاحظ ريتشارد دوكينز والعديد غيره التشابهات والقواسم المشتركة بين الأديان والسلوك الذي تتبعه الطفيليات أثناء سيطرتها على أجساد حيوانات معيّنة. على سبيل المثال، يشبّه دانييل دينيت في كتابه "كسر التعويذة" الدين بالطفيلي Parasite. أنا لا أنوي هنا استنساخ أعمالهم، لكني أريد الاستناد على فكرة الطبيعة الطفيلية للدين بطريقة تساعدنا وتمنحنا إرشادات للعيش داخل عالم متدين ومليء بالأديان.
بغرض إدخال بعض التوازن لهذا الفصل، سنقوم بجولة في عالم الدين مستخدمين التعبير المجازي "الفيروسات". أنا لا أدّعي أنّ هذا التعبير يمكن استخدامه في جميع الحالات، لكنّ قوّته هائلة جداً وقدرته كبيرة لتفسير الكثير من الأمور عن سلوك الأفراد والجماعات الدينية ويمنح المتشكّك إطاراً عاماً يستطيع من خلاله فهم الأثر الخبيث والمؤلم الذي يتركه الدين على عالمنا وحياتنا. وهؤلاء الذين ألِفوا فكرة ريتشارد دوكينز عن عملية التطوّر الميميائية سيرون من فورهم التعبير الفيروسي بصفته طريقة أخرى للحديث عن الميمات الدينية. لذا سأفضل اختيار تعبير "فيروس" بدلاً من "ميم meme" لأنّ الفيروسات معروفةٌ جداً بالنسبة لأغلب الناس، والبنية البيولوجية للفيروسات تخلق نظيراً مفيداً لحديثنا. بأي حال، أنا مدين جداً للدكتور دوكينز وعمله الطليعي، وخصوصاً أعماله المؤسّسة والملهمة: الجين الأناني، ووهم الإله [2]
البرمجة الطفيلية
أدب الخيال العلمي مليء بالأمثلة التي تتناول سيطرة مخلوقات فضائية غريبة على أجسام البشر لتحقيق غاياتها وأهدافها. لكن من أين استقى الخيال العلمي فكرته هذه؟ تلك حقيقة واقعية قد تكون أغرب من الخيال [3]. هناك أمثلة عديدة في عالم البيولوجيا الطفيلية والأجسام الممرضة والفيروسات التي تصيب الدماغ وتسيطر على المضيف وسلوكه. ولفهم أنموذجنا عن الدين الفيروسي، دعونا أولاً نلقي نظرة على بعض الأمثلة من علم البيولوجيا:
• الجندب يصاب بعدوى دودة شعرية (Spinochordodes tellinii) إذ تجعله هذه الدودة يقفز إلى الماء ويموت لتكمل دورتها الحياتية وتتكاثر. وهذه الحالة تخبرنا عن السلوك الانتحاري الذي يقوم به المضيف _مدفوعاً من قبل الطفيلي_ ليحقّق هدف الطفيلي في التكاثر.
• فيروس الكَلَب rabies يصيب عصبونات معيّنة في أدمغة الثدييات ويدفعها للتصرف بطرق عدوانية. ومن ضمنها مهاجمة الحيوانات الأخرى وعضّها، وفي الحالة العادية قد يكون الحيوان المصاب يتجاهل أو يتفادى تلك الحيوانات قبل إصابته. يسيطر الفيروس على دماغ الحيوان للقيام بمهمّـته الخاصة من دون أي اعتبار لسلامة المضيف، الذي يكون مصيره الموت عادةً.
• دودة شريطية (Dicrocoelium) تصيب دماغ النملة وتدفعها لتسلّق أوراق الأعشاب ليتمّ أكلها من قبل أحدى الحيوانات المجترّة. تضع الدودة بيضها داخل أمعاء البقرة. في النهاية، تخرج البيوض مع روث البقرة، في حين أنّ الحلزونات الجائعة تتغذّى على ذلك الروث (وبيوض الدودة). تدخل الدودات الجديدة داخل الغدّة الهضمية للحلزون ثمّ يتمّ تغوّطها على شكل طين لزج مليء بالدودات الهائجة لتشربها النملات مرةً أخرى كمصدر للترطيب.
في هذه الأمثلة وفي العديد غيرها، نلاحظ أنّ الطفيليات والفيروسات والعديد من الأجسام الممرضة تسيطر على أجزاء من الدماغ و"تتحكّم" بالمضيف بمعنى حرفي. إنها تعيد برمجة الكائن العضوي مرة أخرى ليتصرّف بطرق وأساليب تخدم مصالح الطفيلي وأهدافه بالدرجة الأولى، وتكون نهاية المضيف الموت أو الفناء.
هناك مثال أكثر إثارة للانتباه وهو الطفيلي الأولي الذي يسبب داء المقوّسات Toxiplasma Gondii. يصيب هذا الطفيلي الأولي القوارض ويسبب لها عجزاً في حاسة الشم الغريزية لرائحة القطط. وهذا التصرف يصبّ بالدرجة الأولى في مصلحة الطفيلي، لأنه يتمّ دورته الحياتية ويتكاثر داخل أمعاء القطط التي تناولت الفئران والجرذان المصابة. القطط التي تحمل هذا الطفيلي في أمعائها بدورها تنشره عن طريق برازها. روبرت سابولسكي يكتب في مجلة العلوم الأمريكية Scientific American عدد مارس 2003 ((القوارض المصابة ما زال باستطاعتها التمييز بين كافة الروائح إلا أنها تفقد وبطريقة انتقائية خوفها وردّة فعلها تجاه فيرومونات القطط، ممّا يجعلها فريسة سهلة بين مخالب القطط))
يتابع سابولسكي مقاله ((هذا يشبه تماماً عندما يصاب شخصً ما بطفيلي في الدماغ ليس له أي تأثير يذكر على أفكار الشخص، مشاعره، دراسته واختباراته، أو برامجه التلفزيونية المفضّلة لكنه، ولإكمال دورته الحياتية، يولّد حافزاً لا يمكن مقاومته للذهاب إلى حديقة الحيوانات، ثم الانحناء على الحاجز وتقبيل أعنف دب قطبي في المكان. هذا هو الانجذاب القاتل الذي ولّده هذا الطفيلي...)) [4ٍ]
بالاستناد إلى هذه الاستراتيجيات المؤسسة في علم البيولوجيا، يمكننا تطبيق المفهوم أو التشبيه الفيروسي على الدين. فبينما تسيطر الدودة الطفيلية على مقاصد وإحساسات النملة، فإنّ الدين يسيطر بشكل مشابه تماماً على أحاسيس وقدرات المصابين به.
تخيّل الدين كفيروس [5] له ميّزاته وخصائصه الخاصّة به. وكما يختلف فيروس الإيدز عن فيروس الإنفلونزا، فإنّ كلا الفيروسين يعديان ويسيطران على وظائف الجسم بطرق تساعدهما على البقاء والتكاثر. الديانات لديها خمسة ميّزات تعمل لصالحها تظهر بدرجات مختلفة، ومن ضمنها القدرة على:
1. نقل العدوى للناس.
2. خلق أجسام ودفاعات مضادّة ضدّ الفيروسات الأخرى.
3. السيطرة على بعض القدرات العقلية والجسدية المعيّنة، وإخفاء نفسه داخل الفرد بطريقة يصبح من الصعب اكتشافه من قبل المريض نفسه.
4. استخدام أساليب محدّدة لنشر الفيروس.
5. برمجة المضيف للعمل من أجل مضاعفة الفيروس.
كل ديانة قد تكون أكثر أو أقل فاعلية في أحد هذه المجالات الخمسة. دعونا نلقى نظرةً أقرب على كل واحدة من هذه السمات كل على حدة.
* نقل العدوى للناس
من الناحية العملية، كافة الأديان تعتمد على استراتيجية التلقين في المراحل العمرية المبكرة كاستراتيجية أساسية في نقل العدوى. استراتيجيات العدوى الأخرى تتضمّن الهداية، تقديم المساعدة والعون المادي بشروط والتزامات معيّنة، تقديم الفرص الدراسية في المعاهد والكليات الدينية والكثير من النواحي والمجالات التي نتواجه ونصطدم بها مراراً وتكراراً وبشكل يومي مع الدين كالإعلام مثلاً.

* خلق أجسام ودفاعات مضادّة للفيروسات الأخرى
عندما يصاب أحد ما بعدوى فيروس الدين (مضيف بالمعنى البيولوجي) فإنه يبدأ على الفور بخلق مضادات تحمي الفيروس من باقي الفيروسات المنافسة. فمثلاً، المعمدانيين الذي تعمّدوا مؤخّراً سيدرّسون الإنجيل المليء بالآيات والتبريرات التي تبجّل وتعظّم ديانتهم وجمهرة من البراهين المزعومة التي تفنّد المذاهب والديانات الأخرى. خلال المراحل المبكّرة، سيكون الأمر أشبه بالتسابق لحشر أكبر عدد ممكن من المضادات يمكن حشره داخل دماغ الوافد الجديد حتى يتحصّن ضد باقي العالم، وخصوصاً ضدّ الأديان المضادّة الأخرى. ما أن يصاب الإنسان بعدوى فيروس "الكاثوليكية"، فإنه نادراً ما ينجح إغواءه ليتحوّل إلى الإسلام. ما أن تصاب أي فتاة بعدوى فيروس "المعمدانية"، فمن غير المرجّح أن تتحوّل إلى بوذية. بشكل عام، عندما يصاب الأولاد بفيروس إلهي محدّد، فإنهم يرتبطون بالديانة التي فطروا عليها حتى آخر أيام حياتهم. قد يتحوّل المعمداني إلى لوثري أو مشيخي، لكنه نادراً ما يتحوّل إلى كاثوليكي أو مسلم أو وثني.
المناعة الدينية هي من أقوى البرامج وأكثرها فاعلية، تمّ تصميمها لضمان حماية الأولاد من التأثيرات الخارجية. فهذا الأمر في غاية الأهمية ضمن مجتمع متعدّد. إذ أنّ الفيروس لا يستطيع التحكّم بالتفاعل والاختلاط مع الأديان الأخرى الموجودة على الساحة، لذا فإنه يتخذ تدابير احترازية ووقائية ليبقي أتباعه عمياناً أو غير مدركين للديانات الأخرى. وهذا أمر هام جداً وخصوصاً للأطفال الذين لم تتشكّل لديهم المناعة اللازمة بعد.
العدوى الدينية بسن مبكرة غالباً ما تكون شديدة للغاية لدرجة أنها قد تخلق أثراً دامغاً ودائماً عند أغلب البشر. الأثر الدامغ تمّ تحديده لأول مرة من قبل كل من كونراد لورينز ونيكو تنبيرغن، وكلاهما حائز علة جائزة نوبل في الفيزيولوجيا والطب[6]. فخلال عملهما على الطيور وحيوانات أخرى، أظهرا أنّ العديد من الحيوانات تتعلّم التعرّف على آبائها بسرعة مذهلة بعد الولادة. في تجربة شهيرة جداً مع الإوزّ، لقد أثبتا أنّ استبدال شخصية أحد الوالدين كإنسان مثلاً يؤدّي إلى دمغ هذا البديل. وبعد أن اكتملت عملية الدّمغ مع الشخصية البديلة، تمّ تقديم الإوزّة الأم الحقيقية لأولادها. وكانت المفاجأة بأنّ صغار الإوزّ كان من غير الممكن إعادة برمجتهم للحاق بالإوزّة الأم، وبدلاً من ذلك، لحقت الإوزّات الصغيرات بالشخصية البديلة.
هذه العملية التعليمية القوية لها أثر شديد وسريع عند أغلب الحيوانات ويبدو أنها غير قابلة للعكس في أغلب الحالات. ربّما تكون العدوى الدينية مشابهة لهذه الحالة تماماً. ما أن يُدمَغ الفرد بدين معيّن، فيصبح من الصعب تغيير دينه. فالطقوس والعادات والأغاني والنغمات لديها طريقة عجيبة في ملازمة الناس طوال حياتهم لدرجة أنهم لا يشعرون بالشبع والاكتمال إلا إذا كانوا ضمن تلك البيئة الطقسية المحدّدة.

* السيطرة على عدّة وظائف عقلية وجسدية والاختفاء داخل الشخص المصاب
حتى المضيف البالغ الذي لا يبدو عليه التديّن يمكن أن يصبح تصرّفه وسلوكه وكأنّ الفيروس حي وسليم داخل دماغه. تسائل عن المعتقدات الدينية، وسيسرد المضيف مجموعة التعاليم والمعتقدات التي تعلّمها في سن الخامسة أو العاشرة. وبنفس الشكل الذي يتابع فيه فيروس الجدري حياته بسلام داخل الجسم البشري بعد الشفاء من المرض، فإنّ فيروس "الإله" قد يعيش بهدوء وبشكل مخفي داخل المضيف حتى يثيره شيء ما أو يستحثّه.
يمكن للتوتر أن يحفّز فيروس الجدري عند الكبار أو البالغين، ممّا قد يؤدّي لإصابتهم بما يسمى بداء القوباء. وبنفس الشكل، ينزع التوتر والضغط النفسي لتفعيل أو تنشيط فيروس "الإله" عند أغلب الناس. فإذا كانوا يعانون مسبقاً من تجربة صدمية أو مؤلمة، فإنهم قد يعيدوا تشغيل الفيروسات الدينية التي تشرّبوها خلال طفولتهم. فيبدؤون بارتياد الكنائس، ويتجرّعون أجساماً مضادةّ أكثر لمساعدتهم على البقاء على الصراط المستقيم. يسيطر الفيروس على وظائفهم العقلية، كما يتضح ذلك من عوارض السلوك الناجم عن عقدة الذنب الجديدة.
فيروس "الإله" أيضا لديه القدرة للسيطرة على الوظائف الجسدية والحركية. على سبيل المثال، تحاول العديد من الديانات فرض السيطرة على الحياة الجنسية، كما يحدث خلال عهود العزوبة واختيار حياة الزهد والتقشف. وسنناقش هذه الفكرة بالتفصيل خلال الفصل الخامس. بأقل تقدير، قد يغيّر الفيروس عادات الطعام والحمية، عندما يلزم أتباعه بتعاليم وقيود تتعلّق بالصيام وعدم أكل لحوم حيوانات معيّنة.
أخيراً، يمتلك فيروس "الإله" القدرة على الاختباء والتخفّي عن المضيف وأساليب كشفه الداخلية. ما أن يصاب الإنسان بالعدوى، فإنه يصبح عاجزاً عن اكتشاف التناقضات الرئيسية التي تشوب ديانته وسلوكه. فالنظام العقائدي يصبح واضحاً بذاته بالنسبة إليه، ولم تقدر كمية ضخمة من البراهين والحجج المنطقية بإقناعه وزحزحة إيمانه. لو جلس شخصان أحدهما مورموني والآخر كاثوليكي وتجادلا حول ميّزات ومزايا ديانة كل واحد منهما، فلن يستطيع أيّ منهما رؤية التناقضات والمغالطات المنطقية التي تشوب ديانته، لكنه سيراها بشكل واضح في ديانة الآخر.
* استخدام أوعية محدّدة وآليات فعّالة لنشر الفيروس _الناقل The Vector
في علم البيولوجيا العضويات التي تعمل على نشر الأمراض يطلق عليها اسم "النواقل". البعوضة هي ناقل لفيروس الملاريا، والقرادة هي ناقل لمرض لايم. في حالة فيروس الملاريا، تقوم البعوضة بلدغ الشخص المصاب بالملاريا وتشرب من دمه المليء بطفيليات الملاريا Plasmodium Parasite. بعدها يتحرّك الطفيلي عن طريق ثقب أمعاء البعوضة ويتابع سيره حتى يستقرّ في الغدد اللعابية لديها. وعندما تلدغ البعوضة شخصاً آخر، فإنها [وهنا نستخدم صيغة المؤنث للبعوض لأنّ الأنثى هي التي تلدغ فقط] تحقن طفيلي الملاريا في جسم ذلك الشخص.
النواقل هي مراحل حسّاسة وأساسية خلال الدورة الحياتية للعديد من الطفيليات. قد يصاب الناقل _أو لا يصاب_ بالأذى خلال عملية نقل الطفيلي. لا يبدو أن الخفافيش تتأثر بنفس الدرجة التي تتأثر فيها حيوانات الراكون بطفيلي الكَلَب، لكن كلاهما يمكن أن يكونا ناقلين. البرغوث الذي يحمل جرثومة Yesinia Pestis التي تسبّب الطاعون سيء السمعة سيواجه الموت في سعيه لنقل العدوى إلى كلب أو جرذ أو إنسان آخر. إذ أنّ هذه الجرثومة تسدّ المجرى الهضمي للبرغوث لإجباره على تقيؤها داخل جسد الضحية. إنها تجعل البرغوث عاجزاً عن هضم غذائه.
بنفس الطريقة، فيروسات "الإله" أيضاً بحاجة لنواقل: إذ بالإمكان برمجة الناس، وحتى إعادة هندستهم، ليكونوا نواقل موبوءة وفعّالة للفيروس. ونحن نسمي تلك النواقل في الحالة العادية: راهب، قس، إمام، حاخام، بابا، مبشّر، داعية، شامان، رسول، راهبة، مدرّس الإنجيل و، بدرجة أقل، حكيم، شمّاس، أو واعظ في مدرسة يوم الأحد. قد يعيد الفيروس برمجة وهندسة هذه النواقل بشكل هائل. وعملية إعادة الهندسة هذه تتطلّب سنوات من الدراسة في المعهد وامتلاك كميات ضخمة من الأفكار الغامضة والمبهمة بالإضافة للعديد من الخدع والمهارات العقلية لنقل الفيروس. كما قد يتضمّن التمرين على حياة العزوبية وقتل حاجة الفرد الجنسية وتعويده على فكرة عدم نقل جيناته لكي لا ينشغل كثيراً بالأطفال والسلالة عن نشر الرسالة أو الفيروس، وبذلك، يكون أكثر فاعلية كناقل للفيروس. يتم تنشيط القابلية للتوهّم والتضليل في حواس الرهبان والراهبات إذ يؤمنون أنّهم متزوجون من إله غير مرئي أو الكنيسة.
* برمجة المضيف لنشر الفيروس ومضاعفته
أخيراً، ينبغي على فيروس "الإله" تنشيط البرنامج ليتمّ نسخه ونشره إلى أي مضيف محتمل آخر. يتم برمجة وهندسة أنماط معيّنة من السلوك لضمان انتقال الفيروس إلى الآخرين، وبشكلٍ خاص إلى أطفال المضيف. ويتضمّن ذلك الأفكار المتعلّقة بعقدة الذنب والتي تخلق نوعاً من الشعور بالأمان عند أداء الشعائر. وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك: شعائر المناولة المقدّسة، التعميد، البلوغ، المصادقة، الصلوات المتكرّرة، قراءة الإنجيل بشكل يومي والاعتراف.
المناعة الدينية
في عام 1796، توصّل إدوارد جينّير إلى نتيجة مفادها أنّ إصابة الإنسان بعدوى فيروس جدري الأبقار تحصّن ذلك الشخص بشكل فعّال من باقي فيروسات الجدري الخبيثة. بمعنى آخر، نوع واحد من الفيروسات يشكّل مناعة ضد الأخرى.
تعمل الأديان بطريقة مشابهة تماماً. فالمعمداني المصاب بالعدوى تتشكّل لديه مناعة ضدّ الكاثوليكية أو الإسلام. فالدين يخلق سلسلة من الدفاعات داخل المضيف لمنعه وردعه من مجرّد التفكير بجدية بأي ديانة أخرى. على سبيل المثال، نادراً ما يفكّر المعمداني في دراسة القرآن بنفس الاجتهاد الذي يدرس فيه الإنجيل. من ناحية أخرى أغلب الكاثوليك لن يهدروا أي دقيقة من وقتهم في دراسة كتابات وأعمال جون ويسلي. المسلمون الشيعة لن يفكّروا ولو للحظة في دراسة أعمال القديس بولص. المسلمون السنة قد ينظرون إلى البوذية بأنها مبهمة وغير مفهومة[7]. إذن فيروس "الإله" يبني جداراً هائلاً ومتيناً يمنع الناس من الاقتناع بأديان أخرى غير دياناتهم، ناهيك عن فهمها واستيعابها.
من وجهة نظر مراقب خارجي، إنّ سلوك أعضاء منتمين لديانات مختلفة تبدو متشابهة ومتماثلة بشكل لا يصدّق. استمع لدعوة أسامة بن لادن وبات روبرتسون، على سبيل المثال. فكلاهما يدّعي أنّ الكوارث الطبيعية هي من عمل الله أو الرب بسبب ذنوب أو خطايا معيّنة. كلاهما يشوّه دور المرأة في ديانتهما. كلاهما يرى أن للشيطان دور في هذا العالم. ومن وجهة نظر عالية المستوى، كل الأديان الرئيسية تبدو متشابهة ومتماثلة بطرق عدّة. مع تغيير بعض الكلمات، يمكن تحويل خطاب بات روبرتسون بسهولة إلى كلمة يبشّر بها بن لادن.
أنا أعمد لاستخدام أمثلة اقتبستها عن قادة دينيين معروفين بشكلٍ جيد، لكنّ التأويلات والتحليلات يمكن أخذها من الكنائس والمساجد المحلية بأسهل ما يمكن. فبعد سنوات طويلة من الاستماع لقساوسة متطرّفين، بإمكاني الشهادة على التصريحات المذهلة التي يصرّحون بها من على منابرهم من دون أي اعتراض أو حتى تعليق ذكي وعقلاني من الحشود المجتمعة أمام المنبر.
بن لادن وروبرتسون كلاهما يملكان عقولاً فعّالة وتعمل بشكل جيد، وتمتلك القدرة على التفكير المنطقي، العقل، الدراسة، التعلّم، وممارسة التفكير النقدي، لكّن فيروس "الإله" قد عطّل بعض تلك الوظائف أو كلّها كما يعطّل فيروس Tixoplasma gondii غريزة الخوف والهرب من القطط. ولا توجد حاجة لتغيير أي شيء آخر! فقط ببساطة تعطيل بعض القدرات الفكرية النقدية والمنطقية، وهذا كل ما يلزم فيروس "الإله".

المحظورات والمحرّمات
هناك جزء هام جداً من عملية السيطرة الفيروسية يمكن إيجادها في مفاهيم المحرّمات والممنوعات والمحظورات، والتي تبقي المؤمن بها في حالة تركيز دائمة على الشعائر والطقوس التي تعزّز الدين بشكل يومي وحتى ساعي. ويمكن ملاحظة هذه الأمور غالباً في التابوهات والمحرّمات الجنسية: عدم ممارسة الجنس قبل الزواج، عدم ممارسة الجنس في فترة الطمث، تحريم المثلية الجنسية... إلخ. كما أنّ الكثير من الأديان تمتلك عادات وقواعد تحريمية للطعام: عدم أكل السمك يوم الجمعة، تحريم لحم الخنزير، الصيام خلال أيام عطلة معيّنة. كل ديانة تتخذ لها منظوراً خاصاً بها، لكنها جميعها تتشارك بنفس الهدف: الإبقاء على المصابين في حالة تركيز دائمة على دياناتهم وحماية المجموعة _العائلة_ من تأثيرات الديانات الأخرى. فالمسلمون يحققون ذلك عن طريق تقييد وتضييق حرية المرأة والتأكيد على سلطة الرجل على المرأة وعلى العائلة. أمّا الكاثوليك فيحققون ذلك عن طريق مطالبة الأهل بتربية أولادهم على المبادئ الكاثوليكية وحصر الجنس بدوره التناسلي مع تحريم ممارسته وبصرامة خارج إطار العلاقات الزوجية.
ويمكن غالباً ملاحظة المحرّمات بشكل دراماتيكي في حياة العزلة التي يختارها الرهبان والقساوسة الكاثوليك. هنا ينشر الفيروس نفسه ويروّج لذاته من خلال إجبار المضيف على الإمساك عن التزاوج والتناسل من أجل تمرير الفيروس ونقله لأكبر عدد ممكن من الأشخاص. تماماً كما يسيطر فيروس الكَلَب على دماغ الراكون ويعيد برمجته ليعضّ الحيوانات الأخرى _حتى على حساب حياته الخاصّة_ يقوم فيروس "الكاثوليكية" بتوجيه القسّ ليكرّس جميع طاقاته من أجل نشر الفيروس. وهذا يُعَدّ انتحاراً جينياً لجينات القسّ، لكنّه يمنح الكنيسة الكاثوليكية أداةً قوية للدعاية والترويج.

تقنيات نقل العدوى عند النواقل
تستخدم النواقل الدينية طرق وأساليب معقّدة لتجهيز وتحضير المضيفين المحتملين للفيروس الديني. فالنواقل الدينية تتعلّم تقنيات التبشير والوعظ والتي تتلاعب على عواطف ومشاعر المضيف المحتمل. (وسنناقش هذه العملية التفصيل خلال الفصل السابع) فالنواقل ثمينة جداً وباهظة الثمن ومكلفة بالنسبة للفيروسات لتتكاثر، لذا يتمّ حمايتها ودعمها، وغالباً ما تكون أعلى درجات الحماية كما يتمّ ملاحظته في حماية القساوسة والرهبان خلال العديد من فضائح الاستغلال الجنسي في الزمن الحالي.
يمكن للنواقل أن تكون أكثر فعالية كنواقل عندما تكون في حالة الموت. فهناك أمثلة كثيرة عن النواقل الميتة التي لعبت دوراً أكثر فعالية وكفاءة كنواقل من ضمنها: يسوع، القديس بولص، علي ابن عم محمد بني الإسلام، فلاديمير إيليتش لينين مؤسّس الاتحاد السوفياتي، تشي غيفارا أحد ثوار أمريكا اللاتينية، وجوزيف سميث مؤسّس الطائفة المورمونية. ولننظر في حالة جوزيف سميث، فموته كان بمثابة حدث جلل للحركة بكاملها. ففائدته بالنسبة للفيروس أخذت مسارها، أمّا هو فقد كان أقل نجاحاً ونفعاً كقائد خلال حياته. ما أن توفي، حتى تحوّل إلى الشهيد الذكي واللامع الذي بإمكانه جمع المخلصين حوله وقيادتهم وتأسيس الفردوس في يوتاه.
الحسنة للفيروس فقط
فيروس "الإله" يبرمج المضيف بطرق محدّدة جداً. فجميع فيروسات "الإله" تبرمج برمجيات للإحسان عند أتباعها، لكنّ هذا الإحسان دقيق ومحدود بشكل لا يصدّق. لقد تعلّمت هذا الدرس ودفعت ثمناً باهظاً عليه في إحدى أمسيات عيد الميلاد عندما كنت أبلغ من العمر التسعة عشر عاماً. كنت طالباً جامعياً فقيراً ودخلت الجامعة على نفقتي الخاصة التي عملت جاهداً لنيل كل دولار دفعته. كان أبي وأمي فخورين جداً بي عندما أنفقت 20$ سفكت عرقي لجمعها من البقشيش في عيد الميلاد. لم أذكر لهما أين أنفقت تلك الحسنة، لكنهما افترضا أنها حسنة لكنيستنا أو كنسية أخرى لها علاقة بها. وبعد عيد الميلاد بأسابيع كانت أمي تشعر بالفضول القاتل وأخيراً سألتني، "أين أنفقت العشرين دولاراً؟" وأخبرتها بأني منحتها لصندوق الاتحاد الأمريكي للدفاع عن الحقوق المدنية لمقاومي الجندية.
يقول روبرت إنغرسول:
((يقول القساوسة بأنهم يعلّمون الإحسان. وهذا طبيعي جداً. إنهم يعيشون على الصدقات
والزكاة. فكافة الشحاذين والمتسوّلين يقولون بأن منحهم الصدقة واجب على الآخرين))
[روبرت إنغرسول، 1833-1899]

تعلّمت بسرعة أنّ تلك الحسنة لم تكن صدقة، وأنّ الرب لن يحتسبها. تعلّمت أنّك يجب دائماً أنّ تمنح الصدقة للكنسية أو أي زكاة دينية وإلا فإنها لن تحتسب. وحتى تلك الساعة، لم أكن أدرك أنّ هناك قسماً للمحاسبة في السماء. فمن خلال قراءتي للإنجيل، اعتقدت بأني تعلّمت أنه لا يجب على المرء إعلان صدقته والتباهي بها كما يفعل المراؤون (إنجيل متى 1:6-4)[8]. تصوّرت أنّ أي صدقة أو أعطية أمنحها لأي جهة ستكون بيني وبين الرب. فإذا لم تعجب الرب صدقتي، فإنه سيعلمني بذلك. كان شعوري جيداً حول اختياري حتى تلك اللحظة.
من الواضح أنّ شكل الصدقة أو الحسنة محدّد من قبل فيروس "الإله". إذ أنّ بقاء الفيروس واستمراره يعتمد على التغذية المنتظمة، ولن يساعد الفيروس إذا منحت المصادر لأي كيان آخر غير متعلٌّق بالفيروس، وهذا غير مقبول على الإطلاق.
الأفراد المصابون مبرمجين أيضاً ليشعروا بالذنب إذا لم يقدّموا صدقات، أو إذا لم يقدّموا حسنات لدعم الفيروس. الكاثوليك بشكلٍ عام لا يقدّمون للمعمداني تمويلاً دراسياً أو منحة. بالمقابل المعمدانيون لا يقدّمون للكاثوليك أية صدقات. اليهود لا يقدّمون أيّة أعطيات أو هبات لبناء المساجد. وبالمقابل المحسنين المسلمين لن يوقّعوا أي شيك للمكتبة في جامعة جيري فالويل. باختصار، إذا لم تكن أنت أو نقودك في خدمة الفيروس، فلن يكون ذلك محتسباً، بل قد يحتسب ضدّك.
من النادر وجود ناقل جيد أو حميد
عندما كنت في سن الشباب، وخلال فترة عشر سنوات، تمّ القبض على ثلاثة قساوسة في كنيستنا متورّطون بعلاقات جنسية مع أعضاء من الأبرشية. وفي أبرشيتين أخريين، من نفس طائفتنا، تمّ القبض على خمسة قساوسة تورّطوا بعلاقات جنسية خلال السنوات العشر المذكورة، وجميع تلك الحالات تقع ضمن حدود طائفة صغيرة في سلسلة إنجيلية طويلة في مدينة ويتشيتا بكنساس.
الأمر المثير للانتباه هنا هو عندما ينخرط النواقل في سلوك وتصرفات محرّمة، بما أنّ تلك النواقل تحمل جرعة مفرطة من الفيروس. والأمر الأغرب هو الأعذار والتبريرات التي يختلقها الآخرون لتلك التصرفات. في أغلب الأحيان، الأعذار التي يتم اختلاقها لهذا النوع من السلوك تكون على النحو التالي: ((كانت مجرّد غلطة)) أو ((إنه مجرّد كائن بشري)). وعندما تمّ القبض على القس الأكبر لأبرشيتنا بالجرم المشهود وهو منخرط في عمل مخلّ بالأخلاق، تمّ السماح له بالاحتفاظ بمنصبه! وبعد أن كرّر نفس الغلطة عدّة مرّات وتمّ القبض عليه ثلاث مرّات ولمدى عشر سنوات، تمّ طرده من منصبه. وقد شهدت مثل هذه الحالات في العديد من الكنائس.
لماذا كان يسمح لهذا النوع من الناس بالبقاء في مناصبهم؟ لأنّ النواقل الجيدة نادرة جداً ومن المكلف جداً تطويرها. طالما أنّ بإمكان الناقل تغذية الفيروس بانتظام وفعالية بالمال والمضيفين، فسيبقى هذا الناقل ويحافظ على استمراره. أمّا الفضائح فهي ثمن بخس يدفعونه من أجل إيجاد نواقل جديدة وبدرجة عالية من الفعالية.
القساوسة الكاثوليك هم من أكثر النواقل كلفةً على الإطلاق. فعندما تقوم الكنيسة الكاثوليكية بتعليم فكرة أنّ القس عندما ينخرط بأفعال جنسية معيبة، أو عندما يتحرش بالأولاد، أو يمارس الجنس مع النساء، أو الرجال، عندها يتهدّد المشروع بالانهيار والخطر. وهذا هو السبب وراء حماية الكنيسة للناقل-القس أكثر من أفراد الأبرشية الضحايا. فالتعامل مع أفراد الأبرشية وحل الموضوع أسهل من إيجاد أو تدريب ناقل فعّال جديد.
مشكلة الكنيسة الكاثوليكية مع القساوسة البيدوفيليين هي النقطة المركزية. وسأغامر وبالتخمين أنّ المذاهب البروتستانتية تعاني من نفس المشكلة: انتهاكات رجال الدين الجنسية. لكن ولأنّ البروتستانت أقلّ مركزية من الكنيسة الكاثوليكية، فالانتهاكات يمكن سترها بشكل أسهل، أو الاكتفاء بنقل المنتهكين إلى كنيسة أخرى.

الأديان الطافرة
كما في الأنظمة البيولوجية، تتطفّر الأديان بشكل متكرّر. فالطفرات تحدث باستمرار، إلا أنّ أغلبها لا يتطوّر ليتحوّل إلى ديانة جديدة. المعمدانيين يتعاملون مع الطفرات ببساطة عن طريق السماح للطفرة بتشكيل حركة معمدانية جديدة. وهذه من أسهل الطرق للحفاظ على المادة الوراثية للحركة الجديدة قريبة من الأصلية بدل فقدانها وخسارتها.
أمّا الكاثوليك فيتعاملون مع الطفرات من خلال استئصالها. الاستراتيجية الكاثوليكية تقوم على الحفاظ على المادة الوراثية نقية قدر الإمكان والتقليل من عدد الطفرات. لذلك، التهديد بالنبذ والطرد هو بمثابة استراتيجية أساسية في التنقية والتطهير، أمّا عملية الحرق على وتد فكانت شائعة في فترة من الفترات [9]. الاستراتيجيات التي يتبعها كل من المعمدانيين والكاثوليك تعمل بشكل جيد إلى حد غير معقول.
في البيولوجيا، من حين لآخر، تكون الطفرات قوية جداً وراديكالية لدرجة أنها تجتاح حتى أقوى الدفاعات وتؤثر على كافة أعضاء المجتمع لتظهر مجتمعات جديدة كلياً. ويمكن حدوث ذلك عندما يهاجم الفيروس مجتمعاً رهيفاً وشديد الحساسية. ونفس الكلام ينطبق على الدين _فخلال القرن الخامس عشر، اجتاح فيروس مارتن لوثر الإلهي مجتمعات شمال ألمانيا الأمّيّة والجاهلة وانتشر فيها.
فيروس لوثر الإلهي كان على درجة من القوة لاجتياح المجتمعات الأوروبية بشكلٍ أسرع بكثير من الفيروس الكاثوليكي الأصلي وحقق أكثر ممّا أستطاع تحقيقه الفيروس الأصلي خلال ألف عام قبله. ما أن أفلت من عقاله، تطفّر فيروس "البروتستانتية" بسرعة كبيرة. فيروس "الكالفينية" كان عبارة عن طفرة مباشرة عن اللوثرية. أمّا حركة تجديد العِماد Anabaptist* فقد تفرّعت عنها: المينوناتيون، الهوتيريتس، كنيسة الإخوان. بالإضافة إلى حركة الهوغونتس الفرنسية، الكواكرز، والمعمدانيون الألمان، والعديد من الحركات.
المجتمع المعزول عن الديانات الأخرى والمثقّف يكون حسّاساً وقابلاً للتأثر بالنوع الصحيح والمناسب من الطفرات أو فصيلة أخرى وجديدة كلياً من فيروس "الإله". البوذية، هي عبارة عن طفرة عن الهندوسية، انتشرت عبر القارة الهندية في الفترة ما بين 480 وحتى 180 قبل الميلاد، وتحوّلت إلى أكبر فيروس إلهي في العالم خلال تلك الفترة. كما أنّ الإسلام قد حقق ذات المأثرة في الشرق الأوسط وخلال فترة لا تتجاوز 200 عام، 600-800 للميلاد.

أحيينا من جديد
إذا كنت على علاقة بأية كنيسة متطرّفة من الطراز القديم، فمن المرجّح أنّك تعرف تلك الترنيمة القديمة: ((أحيينا من جديد)). إنها تمثّل نداءً صريحاً يطلقه المصابون بالعدوى يعبّرون من خلالها عن حاجتهم لإعادة شحن أو انطلاقة جديدة. وعملية الإحياء موجّهة إلى أولئك المصابين بالفيروس مسبقاً. فعندما كنت صبياً، كانت كنيستنا تقيم شعائر الإحياء مرّةً كل عام. حيث يتمّ استضافة واعظ جديد يبشّر الأبرشية بالبعث والتجديد والعهد. معظم الناس الذين يتم "إنقاذهم" كانت لهم علاقات مع الكنيسة بشكلٍ من الأشكال. ومن النادر جداً أن تشهد مجيء أحد من الشارع أو من غير المتدينين ليتمّ خلاصه.
إنّ ظاهرة إعادة الإحياء أو الخلاص هي أسلوب تكيفي للحفاظ على المعتقدات المحلية متينة وقوية ومنع القوى الخارجية من غزو المعتقدات ووضع موطئ قدم لها. ويمكن ملاحظة ذلك كعملية منع للتغيير أو التطفّر. ويساعد ذلك على إبقاء الناس على الصراط والطريق الحق. السنوات التي قضيتها خلال نشأتي ضمن بيئة تشوبها العادات والتقاليد المتشدّدة منحتني الكثير من الفرص لمشاهدة عملية إعادة الإحياء على أرض الواقع. فالتركيز في هذه المناسبة أكثر شاعرية وعاطفية من باقي الخدمات الكنسية الأخرى. الواعظ الضيف الذي يتحلّى بكاريزما خاصة هو الذي يقود عملية الإحياء بشكل عام. والواعظ الأفضل هو الذي يخلق حالة عاطفية عالية وشديدة وحسّاسة لدى أفراد الأبرشية والتي ينتح عنها تكريس أكبر لفيروس "الإله" وأموال أكثر لصندوق الكنيسة. في حين أنّ الأضاحي والصدقات هي السمات الشائعة في مناسبات الإحياء، إلا أنّ الواعظ يقضي الكثير من الوقت وهو يقدّم عظاته عن "الإغراءات" المتنوّعة التي تملأ العالم وعن آخر الأمور التي قد تقود القطيع إلى الضلال، كعروض التلفزيون العامّة، الأفلام أو الكتب. قد يرى الإنسان العرض بكامله كعملية "للحفاظ على نقاوة الفيروس".
المجموعات الدينية الأخرى لها أساليبها الخاصة بها في التنقية الفيروسية. إذ يميل الكاثوليك للجوء إلى العزلة من أجل النقاهة وتجديد عهود الزواج بالإضافة إلى ممارسات بيروقراطية صارمة لتضييق مسار القطيع كي لا يحيد عن المسار الصحيح. المورمون وشهود يهوه لديهم نظاماً هيراركياً منتظما بشكل دقيق ليحافظ على وحدة وانتظام الصّفّ بينما يمارسون النبذ والمقاطعة على الضالين.

المفكّرون الأحرار... طفرة خارجة عن السيطرة
في بعض الأحيان، يمكن أن تخرج الطفرة عن السيطرة. فالبروتستانت يؤكّدون على قراءة الإنجيل ويسمحون للناس في التوصّل لاستنتاجاتهم الخاصة بدون الرجوع إلى قساوسة أو مساعدة رهبان ليؤولوا لهم ما ورد فيه. وكنتيجة لذلك، ظهرت مجموعات من الطفرات في كافة أرجاء أوروبا بعد أن انطلقت الثورة اللوثرية. وعندما استطاع الناس قراءة الإنجيل بمفردهم والنظر فيه جيداً، توصّل البعض منهم إلى استنتاجات تقول أن كل الموضوع هو عبارة عن بيت مصنوع من ورق اللعب. معظمهم حافظ على فمه مغلقاً لتفادي خسارة رأسه، لكن هناك آخرون قاموا بقفزتهم لانتقاد الدين ودوره في المجتمع بشكل صريح وعلني. هؤلاء النقاد الأوائل للدين كانوا أجداد المفكرين الأحرار في الزمن الحالي ومؤسّسي حركة الفكر الحر [10].
يهتمّ المفكّرون الأحرار في موضوع فحص العالم بدون ذلك الخليط من المذاهب والمعتقدات الدينية. هم بشكلٍ عام لادينيين أو أشخاصاً غير متدينين. بعضهم يعتبر روحانياً أو أنه يحمل في داخله بعض المزايا الروحانية. بشكل عام، المفكرون الأحرار قاموا بشل أو الحد من قدرة العدوى بفيروس "الإله"، أو حتى استئصالها كلياً.

خلاصة
تتضمّن استراتيجيات الفيروسات البيولوجية وأنماط سلوكها تشابها وتماثلات هائلة للأساليب الدينية في الترويج والانتشار ثم نقل العدوى. فعملية الاهتداء الديني يبدو أنها تؤثّر على الشخصية. بالنظر إلى النموذج الفيروسي نلاحظ أنّ فيروس "الإله" يعدي ويسيطر على ملكة التفكير العقلاني والنقدي عند الفرد مع فائق الاحترام لديانته أو ديانتها، تماماً كما يؤثر فيروس الكَلَب على معظم أو أجزاء من الجملة العصبية المركزية. وتجربة ذهنية صغيرة تظهر كيف أنّ فيروس "الإله" يبلّد ويعطّل القدرة على التفكير النقدي. ففيروس "الإله" يعدي الإنسان ثم يتلقّح لحماية نفسه ضدّ الفيروسات الأخرى. النواقل في علم البيولوجيا هي الأوعية التي تحمل الطفيلي، الفيروس، أو الجرثوم من حامل إلى آخر. والنواقل الدينية تعمل بنفس الشكل، الكهنة، الأئمّة، الملالي، المطارنة، وإلى ما هنالك من حوامل مختلفة، يحملون فيروس "الإله" وينقلون عدواه لأناس آخرين. كما أنّ الفيروس يقوم بتوجيه كافة المصادر تجاهه ويخلق تابوهات ومحرّمات لمنع تقديم المصادر لغيره من الفيروسات الأخرى. في بعض الحالات تفشل النواقل. أمّا كلفة تطوير أو تدريب ناقل جديد العالية فتجعل الأولوية لحماية الناقل حتى في حالة فشله كما حصل في حالات القساوسة البيدوفيليين. الطفرات تظهر بشكل متكرّر. ومن حين لآخر تخرج إحداها عن السيطرة وتنفلت من عقالها، كما في حالة مارتن لوثر، لتنتقل عدواها إلى الأفراد والمجتمعات الهشّة.

***





الهوامش:
[1] ساندرا بلاكسلي ((تجربة الخروج من الجسد: دماغك هو المسؤول))
Sandra Blakeslee. Out-of-Body Experience: Your Brain is to Blame. The New York Times, 3 Oct 2006.
[2] The God Delusion, The Selfish Gene: Richard Dawkins
[3] اقرأ رواية روبرت هينلين: أسياد الدمى
Robert Heinlein: The Puppet Masters (Doubleday, 1951)
أو شاهد الفيلم الذي تمّ تصويره بالاستناد على هذه الرواية (1994) حيث تأتي مخلوقات طفيلية غريبة تغزو أجساد البشر لتحكم العالم. على الأرجح أنّ هذه كانت من أولى الكتب التي تتناول موضوع الغزاة الغرباء وتمّ إنتاجها عدّة مرّات.
[4] مقال لروبرت سابولسكي: حشرات داخل الدماغ، مجلة العلوم الأمريكية، مارس 2003 عدد رقم 94.
[5] لأغراض خاصة ببحثنا سأستعمل مصطلح "فيروس" على الرغم من أنّ مصطلح "طفيلي" قد يبدو أنسب في بعض الحالات. أريد أن أتجنّب المضمون السلبي التام لكلمة "طفيلي Parasite". معظم الناس يدركون أنّ الفيروسات بإمكانها أن تكون حميدة، وحتى مفيدة، في بعض الحالات. لكنّ هذا لا يشكّل الفهم العام والشامل للطفيليات.
[6] Nobelprize.org جائزة نوبل في الفيزيولوجيا أو الطب لعام 1973.
[7] الدليل يمكن رؤيته في تدمير طالبات تمثال بوذا، أحد الكنوز الثقافية في العالم. ففي عام 2001، وبمعونة مهندسين سعوديين وباكستانيين، تمّ تفجير هذه التماثيل العملاقة التي يعود تاريخها للقرن السادس الميلادي.
[8] ((1: إياكم أن تعملوا الخير أمام الناس ليشاهدوكم، وإلا فلا أجر لكم عند أبيكم الذي في السماوات. 2: فإذا أحسنت إلى أحدٍ، فلا تطبّل ولا تزمّر مثلما يعمل المراؤون في المجامع والشوارع حتى يمدحهم الناس. الحق أقول لكم: هؤلاء أخذوا أجرهم. 3: أمّا أنت، فإذا أحسنت إلى أحدِ فلا تجعل شمالك تعرف ما تعمل يمينك. 4: حتى يكون إحسانك في الخفية، وأبوك الذي يرى في الخفية هو يكافئك))
[9] في حين أنّ الكثيرين بالولايات المتحدة ألِفوا آثار قصة ساحرة "سالِم" عام 1692، إلا أنه كانت هناك مطاردات أكبر وتنكيل أبشع للساحرات والهراطقة في أوروبا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر للميلاد. إذ يقدّر المؤرّخون أنّ قرابة 200000 شخص أحرقوا على الوتد بتهم مختلفة بالهرطقة خلال تلك الحقبة. ماري تيودور أو الملقّبة في إنكلترا بماري الدموية Mary Tudor: Bloody Mary كانت مسؤولة عن 275 حالة إعدام بالحرق على الوتد في عهدها الممتدّ لخمس سنوات، ومن ضمنهم مطران كانتربوري عام 1556. الإعدام بالحرق كان الأسلوب المفضّل لدى محاكم التفتيش الإسبانية لأنّ ذلك لا يتضمّن إراقة دم الضحية، إذ أنه كان ممنوعاً في ظلّ قوانين كنيسة الروم الكاثوليك السائدة، ولأنها ضمنت أنّ المدانون لا يملكون أجساداً للانتقال إلى الحياة الأخرى (وكان يعتقد أنّها عقوبة صارمة جداً بحدّ ذاتها). وكان يعتقد أيضاًَ في ذلك الوقت أنّ عملية الحرق تطهّر الروح، وكان يعتبر ذلك مهماً جداً وخصوصاً لأولئك الذين أدينوا بممارسة السحر والشعوذة والهرطقة.
Capital Punishment U.K., Burning at the Stake (Nov 2008)
http://www.capitalpunishmentuk.org/burning.html
[10] غالباً ما يعتبر جيوردانو برونو أحد المؤسّسين المبكرين للمفكّرين الأحرار. فقد عاش في الفترة ما بين عام 1548 حتى تمّ إعدامه حرقاً على الوتد من قبل محاكم التفتيش عام 1600. وعلى مرّ القرون، لحق به الكثيرون من الذين ساروا على خطاه وشكّكوا بافتراضات الدين على حساب سلامتهم وحياتهم، ومن ضمنهم: غاليليو غاليلي، فولتير، مولينو، وديدرو.



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرآن في الإسلام (بحث في معصومية القرآن وموثوقيته)
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 3 ترجمة: إبراهيم جركس
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 2
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 12 ترجمة: إبراهيم جركس
- المأزق الأخلاقي للحروب
- القرآن المنحول [1]
- التاريخ النصي للقرآن (أرثر جيفري)
- الله: فيروس عقلي مميت [2]
- الله: فيروس عقلي مميت [1]
- قفشات -أمّ المؤمنين-: هنيئاً لكم
- الفكر الحر في العالم الإسلامي ونظرية صراع الحضارات
- قصة جين الحرية: أميل إيماني
- الدين السياسي: بديل عن الدين، أم أنه دين جديد؟
- من هم مؤلفو القرآن (4)
- من هم مؤلفو القرآن (3)
- من هم مؤلفو القرآن (2)
- من هم مؤلّفو القرآن (1)
- فيروس العقل: الفيروسات العقلية الدينية
- تصوّروا عالماً بلا أديان... ريتشارد دوكينز
- ما الله؟... Ali Sina


المزيد.....




- مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية
- -لم توفر بيئة آمنة للطلاب اليهود-.. دعوى قضائية على جامعة كو ...
- البنك الاسلامي للتنمية وافق على اقتراح ايران حول التمويلات ب ...
- استباحة كاملة دون مكاسب جوهرية.. هكذا مرّ عيد الفصح على المس ...
- قائد الثورة الاسلامية سيستقبل حشدا من المعلمين 
- تونس تحصل على 1.2 مليار دولار قرضاً من المؤسسة الدولية الإسل ...
- مين مستعد للضحك واللعب.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 20 ...
- «استقبلها وفرح ولادك»…تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ك ...
- لوموند تتابع رحلة متطرفين يهود يحلمون بإعادة استيطان غزة
- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - فيروس الإله [1]